اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 32
بالأنصار والأعوان بل كل نفس يومئذ رهينة بما كسبت ضمينة بما اقترفت
وبعد ما أمرهم سبحانه بتذكر النعم اجمالا وحذرهم عن جزاء الكفران أشار الى تعداد النعم العظام التي هم مختصون بها امتنانا عليهم فقال وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ اى اذكروا وقت انجائنا إياكم مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ الذين يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ اى يكلمونكم ويفضحونكم بسوء العذاب الذي لا عذاب أسوأ منه وهو انهم يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ لئلا يبقى ذكركم في الدنيا إذ بالابن يذكر الأب ويحيى اسمه لأنه سره وَاشنع من ذلك انهم يَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وبناتكم باستبقائهن ليلحق العار عليكم بتزويجهم اياهن بلا نكاح ولا عار اشنع من ذلك ولذلك عد موت البنات من المكرمات وَفِي ذلِكُمْ يعنى واعلموا ان في هذه المحن المشار إليها بَلاءٌ واختبار لكم مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ليجزيكم بنعم هي أعظم منها وهي انجاءكم عنهم واستيلاءكم عليهم
وَبعد ما ابتليناكم باحتمال الشدائد والمتاعب ومقاساة الأحزان أردنا انجاءكم من عذابهم وإهلاكهم بالمرة فامرناكم بالسير والفرار من العدو ففررتم ليلا فأصبحتم مصادفين البحر والعدو ايضا قد صادفكم اذكروا إِذْ فَرَقْنا بِكُمُ اى وقت تفريقنا بالفرق الكثيرة الْبَحْرَ المتصل في نفسه ليسهل عبوركم منه ونجاتكم منهم وبالجملة فَأَنْجَيْناكُمْ من أيديهم وعبرناكم سالمين وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ المقتحمين بالفور خلفكم باجتماع تلك الفرق واتصال البحر على ما هو عليه في نفسه وَأَنْتُمْ حينئذ تَنْظُرُونَ الافتراق والاجتماع المتعاقب وكيف لا تذكرون هذه النعم الجليلة ولا تشكرون لها
وَبعد ما قد أنجيناكم من البحر سالمين وأغرقنا عدوكم بالمرة واورثناكم ارضهم وديارهم وأموالهم اذكروا وقت إِذْ واعَدْنا مُوسى المتحير في ضبط المملكة في أول استيلائه حيث قلنا له على سبيل التوصية والمعاهدة ان أخلصت التوجه والميل إلينا مدة أَرْبَعِينَ لَيْلَةً متوالية خصصها سبحانه لخلوها عن الشواغل المانعة من الإخلاص قد أنزلنا عليك تأييدا لأمرك كتابا جامعا لمرتبتى الايمان والعمل حاويا على جميع التدابير والحكم المتعلقة بالظاهر والباطن ثُمَّ لما اشتغل موسى بإنجاز الوعد وإيفاء العهد فذهب الى الميقات مخلصا قد اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ الذي صوغتهم أنتم بأيديكم من حليكم بتعليم السامري المضل إياكم بسبب صدور الخوار الذي ظهر منه ابتلاء لكم وفتنة الها من دون الله وادعيتم شركته معه سبحانه مكابرة بل قد حصرتم الألوهية له بقولكم هذا إلهكم واله موسى وبالجملة قد أخلفتم الوعد والعهد جميعا مِنْ بَعْدِهِ اى من بعد ذهاب موسى الى الميقات وقبل رجوعه منه وَأَنْتُمْ بسبب خلف الموعود والاتخاذ المذكور ظالِمُونَ خارجون عن ربقة الايمان والتوحيد العياذ بالله من ذلك
ثُمَّ لما تبتم ورجعتهم نحونا نادمين عَفَوْنا عَنْكُمْ وأزلنا عن ذممكم جزاء ذلك الظلم الذي ظلمتم مِنْ بَعْدِ ذلِكَ الاجتراء لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ رجاء ان تواظبوا على أداء شكر نعمه بالعفو الذي هو من آثار اللطف والجمال بعد ظلم المعفو عنه الذي هو من آثار القهر والجلال حتى تكونوا من زمرة الشاكرين الذين يشكرون الله في السراء والضراء
وَبعد اخلافكم الوعد قبل تمامها وظلمكم لأنفسكم باتخاذكم العجل لم نهمل امر موسى ولم نخلف الوعد الذي قد واعدناه به واذكروا وقت إِذْ آتَيْنا مُوسَى انجازا لوعدنا إياه الْكِتابَ الموعود الجامع لأسرار الربوبية وَالْفُرْقانَ الفارق بين الحق والباطل وبين الهداية والضلال لَعَلَّكُمْ تقتدون له وتَهْتَدُونَ به الى طريق التوحيد وتجاهدون فيه الى ان تتخلصوا عن مطلق الشواغل المانعة عنا
وَبعد ما أنجزنا وعد موسى
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 32